87.7 FM
آخر الاخبار

“الانتخاب الإجباري”.. حملة جديدة لإلزام الناخبين العراقيين بالتصويت

صوت البصرة – متابعات:

تنشغل أروقة النقاش العراقي، والمنتديات الخاصة، بشأن الانتخابات المبكرة، وأجوائها، فيما انسحب الحديث مؤخراً عن مسألة إجبار الناخبين على التصويت يوم الاقتراع، كما هو الحال في عدة دول.
ويأتي هذا التوجه، من أوساط ثقافية ونخب وقادة رأي، لتحقيق جملة مكاسب، أبرزها، تحشيد الناخبين، للمشاركة في تشكيل الواقع السياسي، وتشجيعهم على المبادرة، فضلاً عن دفع الفئات الهشة والطبقات الفقيرة، إلى قول كلمتها واختيار ممثليها في البيت التشريعي.
وتعد الانتخابات الإلزامية واحدة من أقدم الطرق التي استخدمها العالم لتعزيز المشاركة السياسية في الديمقراطيات الناشئة، إذ تعد بلجيكا أول دولة لجأت إلى هذا النظام عام 1892 ثم تبعتها الأرجنتين 1914 وأستراليا 1924، وتعتمد نحو 27 دولة هذا النظام في العالم.

حملة لـ”الانتخاب الإجباري”
وأطلقت أوساط معنية في الشأن الانتخابي، حملة واسعة مؤخراً، عبر طرح استفتاء الكتروني، بهدف الضغط على مجلس الوزراء، لتقديم مشروع قانون إلى البرلمان بشأن هذا المقترح، غير أن عراقيل كما هو حال كثير من المشاريع، تعترض تشريع هذا القانون وفق خبراء.
وقال منقذ داغر، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة غالوب الدولية، إن ”الحملة جاءت بهدف الضغط على مجلس الوزراء لتقديم قانون يهدف إلى إلزام الناخبين بالتصويت، بسبب الانخفاض المستمر في معدل المشاركة الفعلي، إذ بلغ الرقم الرسمي للمشاركة في انتخابات 2018 44% في حين يقدر معظم المراقبين الرقم الفعلي بأقل من ذلك كثيراً“.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن ”الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسة غالوب خلال الفترة الماضية كشفت أن نحو 80 % من العراقيين يشكّون كثيراً بنتائج الانتخابات ونزاهتها، ما يعني أن حالة الشك ستستمر في ظل الوضع الحالي“.
ولفت إلى أن ”حالة عدم الثقة بالعملية السياسية كانت أهم محركات حركة الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى“.
وتعرض دول عربية وأجنبية، غرامات، على كل من يحق له التصويت، في الانتخابات لكنه يتخلف عن ذلك، بغير عذر، غير أن البيئة العراقية، وما تعود عليه الناخبون في العراق، خلال السنوات الماضية، يجعل من ذلك أمراً مستغرباً لدى أوساط شعبية.
وشهدت الانتخابات المتعددة السابقة مختلف الدعوات للمقاطعة، بدءا من انتخابات الجمعية الوطنية وما بعدها، لكنها لم تؤثر في المشهد السياسي، خاصة أن جمهور الأحزاب ثابت نسبياً، مع قدرة كبيرة على التحكم بهذا الجمهور في أوقات الانتخابات.

الإلزام “ينسف” الديمقراطية

غير أن النائب في البرلمان العراقي، عباس شعيل، يرى أن “المفوضية الحالية لديها إجراءات جيدة فيما يتعلق بمنح البطاقة البايومترية، وحث الناخبين، على تفعيل بياناتهم، لكن تلك الإجراءات غير كافية، ومن المفترض أن تتدخل الحكومة عبر الضغط في هذا الملف، لحث الناخبين على استصدار تلك البطاقات”، لافتاً إلى أن “المشاركة في الواسعة في الانتخابات أمر مطلوب، ويمنح شرعية أقوى للاقتراع، ويردع المشككين في النتائج”.
وأضاف أن “مسألة إجبار الناخبين على التصويت، يوم الاقتراع، وإن كان معمول به في عدة دول، لكن برأيي الأمر ينافي الديمقراطية، التي تقوم على الحرية، خاصة إذا اعتبرنا أن المقاطعة هي رأي أيضاً، فهناك شعوب أو أشخاص، يرفضون التصويت، لأنهم يريدون مقاطعة الانتخابات، وفي حال فرضنا ذلك، أفقدنا الديمقراطية روحها”.

وأشار إلى أن “هناك فوضى إعلامية في العراق، ومن الممكن أن تصور هذا التوجه، في حال أرادت الأحزاب الحالية تشريع ذلك بقانون، بأنها تجبر الناخبين على التصويت لأغراض حزبية ومكاسب شخصية، وتصور للرأي العام المسألة على غير حقيقتها”.
وتابع، “لذلك من الأفضل أن نبدأ حملات توعية، وحث للناخبين على التصويت ونبين لهم أهمية المشاركة لتغيير الواقع القائم”.

جدال المقاطعة والمشاركة

ومع تحديد الحكومة العراقية العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة، أثيرت مسألة مقاطعة الانتخابات والمشاركة فيها، تحت مبرر هيمنة الأحزاب الحالية وتغلغلها في مفاصل الدولة وقدرتها على ضخ الأموال للدعايات والكسب الانتخابي، ما يجعل منافستها أمراً معقداً بشكل كبير.
ويقول المعارضون، إن الإحجام عن المشاركة في الانتخابات، ستساهم في رفع الشرعية عن الأحزاب، ما يمهد الطريق، أمام تغيير أكبر، وهو ما يرفضه مؤيدو المشاركة في الانتخابات، والذين يطرحون رأيا مغايراً عن ذلك.

ويقول المؤيدون، إن المشاركة الفاعلة في الانتخابات، ستساهم في إيصال الأحزاب المعارضة، إلى المجلس النيابي، ما يعني القدرة الكبيرة على إحداث التغيير المطلوب، سواءً عبر التشريعات، المطلوبة، وكذلك الرقابة الصارمة على المسؤولين التنفيذيين.

ويستند مؤيدو فكرة المشاركة على أن العراق شهد خلال الاقتراعات السابقة، التي أجريت، مختلف الدعوات للمقاطعة، بدءًا من انتخابات الجمعية الوطنية، وما بعدها، لكنها لم تؤثر في المشهد السياسي، خاصة وأن جمهور الأحزاب ثابت نسبياً، مع قدرة كبيرة على التحكم بهذه الجمهور، في أوقات الانتخابات.

لا جدوى من المقاطعة.. افرضوا الغرامات

من جهته، أكد المحلل السياسي عماد محمد، أن “مقاطعة الانتخابات لا يمكن أن تجدي نفعاً في ظل الوضع القائم، وعلى الحكومة والبرلمان المضي في تشريع قانون يجبر الناخبين على التصويت، يوم الاقتراع، وفرض غرامات على ذلك، وتحويل هذا الأمر، من حق إلى واجب”.
وأضاف محمد في أن “المشاركة الواسعة ستدفع بالفئات الفقيرة والأقليات المهمشة غالباً إلى المعترك السياسي، وتجبرهم على تغيير واقعهم، إذ أن من واجب السلطات التشريعية والتنفيذية، هو إصلاح أوضاع المواطنين، وفي حال تمرير مثل هذا التوجه، فإنه سيكون في صالح المواطنين، وليس في جانب أي أحد من الأحزاب”.

ولفت إلى أنه “في حال تشريع مثل هذا القانون، وتهيئة الأجواء فإن المواطنين سيعتادون عليه، وبمرور الوقت سينعكس ذلك إيجاباً على الوضع العراقي”.
وعانت الإنتخابات العراقية منذ 2005 إلى اليوم من انخفاض مستمر في معدل المشاركة الفعلي حتى بلغ الرقم الرسمي للمشاركة في انتخابات 2018 44 بالمئة في حين يقدر معظم المراقبين الرقم الفعلي بأقل من ذلك كثيراً.

وفي استطلاع للرأي العام العراقي أجرته مؤسسة غالوب الدولية بعد إنتخابات 2018 بأقل من شهر ، أعرب حوالي 80 بالمئة من العراقيين عن شكهم الكبير بنتائج الإنتخابات ونزاهتها، فيما أشار استطلاع أجري قبل بضعة أسابيع أ أقل من 15 بالمئة فقط من العراقيين يثقون بالبرلمان العراقي الحالي.
ويقول مختصون إن تغيير جذرياً يمكن أن يشهده العراق، في حال زادت نسبة المشاركة عن ثلثي الناخبين المؤهلين للتصويت.

وفي غمرة السجال بشأن الانتخابات يرى خبراء أن الدستور العراقي قطع الطريق أمام إلزام الناخبين بالتصويت يوم الاقتراع، حيث قرر أن الانتخاب حق وليس واجبا، وهو ما يضع عراقيل جمّة أمام تشريع مثل هذا التوجه، الذي قد يتطلب تعديلاً لتلك الفقرة الدستورية، ضمن التعديلات الجارية في الوقت الراهن.

وسوم :
مواضيع متعلقة
%d مدونون معجبون بهذه: